responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 268
فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ.
فَكَذَا هَذَا لِبُطْلَانِ الْإِحْرَازِ الَّذِي كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُمْ فِي دَرَاهِمِ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا الْمُسْتَأْمِنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْهُورٍ فَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُسْلِمُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ عَمْدًا وَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْلِهِ خَطَأً لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً لِوُجُودِ الْعَاصِمِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» أَثْبَتَ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ لَا غَيْرُ وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ تَثْبُتُ نِعْمَةً وَكَرَامَةً فَتَتَعَلَّقُ بِمَا لَهُ أَثَرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَرَامَةِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَهَذَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ أَصْلُهَا الْمُؤَثِّمَةُ لِحُصُولِ أَصْلِ الزَّجْرِ بِهَا وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْإِسْلَامِ ثَابِتَةٌ بِهِ حَتَّى يَأْثَمَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْمُقَوِّمَةُ كَمَالٌ فِيهَا لِيَحْصُلَ كَمَالُ الِامْتِنَاعِ لِأَنَّ بَعْضَ السُّفَهَاءِ لَا يَتْرُكُ التَّعَرُّضَ لَهُ إلَّا بِالْمُقَوِّمَةِ خَوْفًا مِنْ التَّبِعَةِ فِي الدُّنْيَا فَيَكُونُ وَصْفًا لَهَا فَيَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَصْلُ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] جَعَلَ التَّحْرِيرَ كُلَّ الْمُوجِبِ رُجُوعًا إلَى حَرْفِ الْفَاءِ فَإِنَّهَا لِلْجَزَاءِ وَهُوَ الْكِفَايَةُ أَوْ إلَى كَوْنِهِ كُلَّ الْمَذْكُورِ فَيَنْتَفِي غَيْرُهُ كَمَا انْتَفَى فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَهَذَا لِأَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ فِي الْقَتْلِ وَهِيَ أَنْوَاعٌ فَأَوْجَبَ أَوَّلًا فِي الْمُؤْمِنِ الْمُطْلَقِ دِيَةً وَكَفَّارَةً ثُمَّ أَوْجَبَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا كَفَّارَةً ثُمَّ أَوْجَبَ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ دِيَةً وَكَفَّارَةً فَلَا يُزَادُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَصْلَ الْعِصْمَةِ بِالْإِسْلَامِ بَلْ بِكَوْنِهِ آدَمِيًّا لِأَنَّهُ خُلِقَ لِإِقَامَةِ الدِّينِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِعِصْمَةِ نَفْسِهِ بِأَنَّ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ أَحَدٌ وَإِبَاحَةُ قَتْلِهِ عَارِضٌ بِسَبَبِ إفْسَادِهِ بِالْقِتَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ لَا يُقَاتِلُ مِنْ الْكُفَّارِ كَالذِّمِّيِّ وَذَرَارِيِّ الْحَرْبِيِّ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِعَدَمِ الْإِفْسَادِ، وَالْمُقَوِّمَةُ تَحْصُلُ بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ أَلَا تَرَى أَنَّ الذِّمِّيَّ مَعَ كُفْرِهِ يَتَقَوَّمُ بِالْإِحْرَازِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْإِسْلَامِ فِي تَحْصِيلِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الدِّينَ مَا وُضِعَ لِاكْتِسَابِ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا وُضِعَ لِاكْتِسَابِ الْآخِرَةِ وَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ مَعْصُومَةً بِالْآدَمِيَّةِ فَالْمَالُ يَتْبَعُهَا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ التَّكَالِيفِ وَإِنْ خُلِقَ عُرْضَةً فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ مَعْصُومًا بِعِصْمَتِهِ وَأَمَّا الْعِصْمَةُ الْمُقَوِّمَةُ فَالْأَصْلُ فِيهَا لِلْأَمْوَالِ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يُؤْذِنُ بِجَبْرِ الْفَائِتِ بِالتَّمَاثُلِ فَيَسُدُّ مَسَدَّهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمَالِ فَكَانَتْ النُّفُوسُ تَابِعَةً لِلْأَمْوَالِ فِيهَا ثُمَّ الْعِصْمَةُ الْمُقَوِّمَةُ فِي الْأَمْوَالِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ مَعَ كَوْنِهِ أَصْلًا فِيهَا فَفِي النَّفْسِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَبَعٌ فِيهَا وَلَيْسَ فِيمَا رَوَاهُ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ لِأَنَّهُمْ عَصَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَرْكِ الْقِتَالِ وَلِهَذَا لَمْ يُعْصَمُوا بِهِ بِغَيْرِ تَرْكِهِ وَنَظِيرُهُ أَدَاءُ الْجِزْيَةِ يَعْصِمُ الْكَافِرُ بِهِ نَفْسَهُ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ يَتْرُكُ الْإِفْسَادَ عِنْدَ أَدَائِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

(فَصْلٌ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا يُمَكَّنُ مُسْتَأْمَنٌ فِينَا سَنَةً وَقِيلَ لَهُ إنْ أَقَمْت سَنَةً وُضِعَ عَلَيْك الْجِزْيَةُ) أَيْ إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ فِيهَا سَنَةً وَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ إنْ أَقَمْت سَنَةً كَامِلَةً وُضِعَتْ عَلَيْك الْجِزْيَةُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةٍ دَائِمَةٍ فِي دَارِنَا إلَّا بِاسْتِرْقَاقٍ أَوْ جِزْيَةٍ لِأَنَّهُ يَبْقَى ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِ عَيْنًا لَهُمْ وَعَوْنَا عَلَيْنَا وَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهَا قَطْعَ الْمَنَافِعِ مِنْ الْمِيرَةِ وَالْجَلَبِ وَسَدِّ بَابِ التِّجَارَاتِ كُلِّهَا فَفَصَلْنَا بَيْنَهُمَا بِسَنَةٍ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تَجِبُ فِيهَا الْجِزْيَةُ ثُمَّ إنْ رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مَقَالَةِ الْإِمَامِ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ مَكَثَ سَنَةً فَهُوَ ذِمِّيٌّ) لِالْتِزَامِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِمْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ وَأَجْعَلُ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ وَأَسْتَحْسِنُ ذَلِكَ وَأَدَعُ الْقِيَاسَ وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ لِأَجْلِ إسْلَامِهِ وَكَوْنُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَنْفِي تَقَوُّمَ دَمِهِ كَالتَّاجِرِ وَوَجْهُ الظَّاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ اهـ (قَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ التَّبِعَةِ) التَّبِعَةُ وِزَانُ كَلِمَةٍ مَا تَطْلُبُهُ مِنْ ظُلَامَةٍ وَنَحْوِهَا. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَوْجَبَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا كَفَّارَةً) فَإِنْ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: 92] الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْبَاغِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْبَاغِي أَيْضًا قُلْت الْمُرَادُ مِنْهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُهَاجِرْ بِالنَّقْلِ عَنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ وَقَدْ دَلَّ إطْلَاقُ اسْمِ الْعَدُوِّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَدُوَّ الْمُطْلَقَ لَنَا هُوَ الْكَافِرُ لَا الْبَاغِي فَإِنَّ الْبَاغِيَ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا مِنْ حَيْثُ الدُّنْيَا لَكِنْ مِنْ قَوْمٍ أَصْدِقَاءَ لَنَا مِنْ حَيْثُ الدِّينُ وَالدَّارُ وَالْكَافِرُ عَدُوُّنَا دِينًا وَدَارًا. اهـ.

[فَصْلٌ إقَامَة الْمُسْتَأْمَنُ فِي دارنا إقَامَة دائمة]
(فَصْلٌ) قَوْلُهُ (لِكَوْنِهِ عَيْنًا لَهُمْ) الْعَيْنُ جَاسُوسُ الْقَوْمِ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ وَالْعَوْنُ الظَّهِيرُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْجَمْعُ أَعْوَانٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فَيَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَيُنْهِي الْخَبَرَ إلَى دَارِهِمْ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ الْمِيرَةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ الطَّعَامُ يَمْتَارُهُ الْإِنْسَانُ فَأَمَّا الْمِئْرَةُ بِالْهَمْزِ فَهِيَ النَّمِيمَةُ قَالَ فِي الْجَمْهَرَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ جَلَبْته مِنْ إبِلٍ وَخَيْلٍ وَسَائِرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَيَوَانِ لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ جَلَبٌ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ مَكَثَ سَنَةً) أَيْ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ إلَيْهِ أَيْ قَوْلُهُ لَهُ مَا يَعْتَمِدُ فِي ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ. اهـ. كَمَالٌ وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ فِي مَنْعِهِ الْعَوْدَ إذَا أَقَامَ سَنَةً وَبِهِ صَرَّحَ الْعَتَّابِيُّ فَقَالَ لَوْ أَقَامَ سَنَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الْإِمَامُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قِيلَ وَلَفْظُ الْمَبْسُوطِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْإِمَامِ لَيْسَ شَرْطًا لِصَيْرُورَتِهِ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ قَالَ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فَيَأْمُرَهُ إلَى أَنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مُدَّةً فَالْمُعْتَبَرُ الْحَوْلُ

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست